لاتزال محاولات نظام الزعيم الليبي معمر القذافي للسيطرة على المدن والبلدات المحيطة بالعاصمة طرابلس مستمرة على اعتبار ان سقوط تلك المدن في ايدي الثوار امر يهدد القذافي، خاصة بعد فقدانه السيطرة بشكل كامل على شرق ليبيا ، مما دفع بالقذافي الى تهديد المعتصمين في إحدى سبحبكت مدينة الزاوية غرب طرابلس بقصف الساحة بالطائرات الحربية إن لم يتفرقوا.
وافاد شهود عيان بان كتائب القذافي الامنية تكثف حصارها لمدن الجبل الغربي قرب طرابلس.
واشار شهود العيان الى ان الكتائب الأمنية التابعة للقذافي شنت هجمات على مدينتي الزاوية ومصراتة القريبتين من العاصمة طرابلس والخاضعتين لسيطرة الثوار ضد النظام الليبي، فيما هدد القذافي المعتصمين في الزاوية بقصفهم بالطائرات الحربية.
واكد احد السكان المحليين "ان 50 مدنيا على الاقل قتلوا امس الاثنين في قصف قوات موالية للقذافي للمدينة بمدفعية ثقيلة".
وفي سياق متصل، قال عسكريون ليبيون منشقون عن القذافي في مدينة أجدابيا إن سلاح الجو الليبي حاول قصف مخازن للذخيرة قرب المدينة، وإن العسكريين المنضمين إلى الثورة تصدوا بواسطة المضادات الأرضية لطائرتين انطلقتا من سرت، وأكدوا عدم وقوع إصابات في صفوف المواطنين.
اسقاط النظام
وفي العاصمة الليبية أعلن "شباب انتفاضة طرابلس" أمس الاثنين بيانهم الأول الذي أكدوا فيه استمرار النضال حتى إسقاط النظام في ليبيا ورفضهم التفاوض معه، وأعربوا عن تأييدهم لمساعي تشكيل مجلس وطني مؤقت، ودعوا إلى وقفة احتجاجية عقب صلاة الجمعة المقبلة في كل مساجد البلاد.
في هذه الأثناء ساد منطقة تاجوراء على المدخل الشرقي للعاصمة الليبية هدوء حذر بعد موجة من الاحتجاجات، حيث ردد زهاء 400 محتج هتافات مناهضة للقذافي ولوحوا بالعلم القديم "علم الاستقلال" الذي صار رمزا للثورة، وبحسب شهود عيان، اكتفت قوات الأمن بتفريق المتظاهرين عبر إطلاق الرصاص في الهواء.
وعلى الحدود الليبية التونسية ، اكد شهود عيان ان القوات الموالية للقذافي احتشدت قرب الحدود التونسية صباح الثلاثاء ، في الوقت الذي قالت فيه الولايات المتحدة إنها تحرك سفنا حربية وقوات جوية إلى مناطق اكثر قربا من ليبيا.
ويخشى السكان من أن القوات الموالية للقذافي تستعد لشن هجوم لاستعادة السيطرة على بلدة نالوت الواقعة على بعد 60 كيلومترا من الحدود التونسية في غرب ليبيا من المحتجين الذين يسعون إلى انهاء حكم القذافي.
وأبلغ مواطن في نالوت اسمه سامي وكالة أنباء "رويترز" :"انها القوات الموالية للقذافي تحيط بالمنطقة القريبة من الحدود التونسية، انها جاءت برشاشات ثقيلة على سيارات رباعية الدفاع وعشرات من المسلحين المجهزين باسلحة خفيفة".
وقال "هم قالوا انهم جاءوا لملاحقة البلطجية. لكن سكان نالوت لا يصدقون هذا. الجميع في حالة تأهب لهجوم محتمل من نفس القوات لاستعادة المدينة".
وقال مواطن آخر آخر في نالوت رفض الكشف عن هويته إنه سمع أن جنودا ليبيين تحركوا إلى الحدود مع تونس.
وأضاف قائلا "لا يوجد قتال في نالوت. هم مروا بها وتقدموا إلى الحدود حول منطقة وازن. الناس لا يعرفون ماذا سيحدث هنا".
القذافي يريد التفاوض
ومحاولة منه لانقاذ ما يمكن انقاذه ، نقلت صحيفة "قورينا عن مصادر مطلعة تأكيدها "أن القذافي قد أقال رئيس جهاز الاستخبارات الحالي، العميد عبد الله السنوسي المقرحي، وعين بدلا منه منصور ضو القحصي ،أحد الحراس الشخصيين له".
ويعد السنوسي اليد اليمنى للقذافي في إحكام السيطرة الأمنية على البلاد، وهو من أبرز الشخصيات التي تدخلت في قمع المظاهرات التي انطلقت في 17 فبراير/شباط بمدينة بنغازي والمطالبة بإسقاط النظام.
وتولى السنوسي عدة مهام أمنية حساسة، بينها قيادة جهاز الأمن الخارجي والاستخبارات العسكرية، و"الكتيبة" وهي الجهاز المكلف بحماية القذافي، وأصبح يمثل الوجه القمعي للنظام داخل البلاد.
وذكرت صحيفة "قورينا" الليبية ان القذافي كلف رئيس المخابرات الخارجية الليبي بوزيد دوردة بغية التحدث مع المجلس المحلي المؤقت لإدارة شئون مدينة بنغازي التي لم تعد الآن خاضعة لسيطرة للنظام في ليبيا، في الوقت الذي تحدثت انباء عن سعي القذافي للتفاوض مع القبائل في غرب ليبيا لمساعدته في وقف الاحتجاجات التي تجتاح البلاد.
وكان المجلس في وقت سابق قد أكد بعدم وجود فرصة للتفاوض مع القذافي.
وما تجدر الإشارة إليه هو تولي أبوزيد عمر دوردة المهمة التي أوكلت إليه عام 2009 بعد أن ظل على مدى نحو أربعة عقود يحظى بثقة القذافي .
وقد عهِد إليه القذافي في السنوات الماضية مسئولية إخماد بؤر التوتر في عدد من مناطق البلاد، خصوصا في بنغازي عام 2006 لاحتواء انتفاضة شعبية ضد استعمال السلطة والفساد المستشري في صفوف المسئولين المحليين وأعضاء اللجان الثورية.
في غضون ذلك، رفض القذافي الدعوات التي تطالبه بالتنحي وقلل من شأن قوة الانتفاضة التي تسعى لاسقاط حكمه الذي مضى عليه 41 عاما والتي أنهت سيطرته على شرق ليبيا وتقترب من العاصمة طرابلس.
وقال القذافي في مقابلة مع شبكة تلفزيون" ايه بي سي"الامريكية وهيئة الاذاعة البريطانية "بي بي سي" : "شعبي كله يحبنى انهم مستعدون لان يموتوا دفاعا عني".
ونفى القذافي استخدام سلاحه الجوي لمهاجمة المحتجين، لكنه قال إن طائرات قصفت مواقع عسكرية ومستودعات للذخيرة، ونفى ايضا وجود مظاهرات وقال إن شبانا تلقوا مخدرات من القاعدة ولذلك خرجوا إلى الشوارع.
وفي معرض تعليقها على تصريحات القذافي ، اعتبرت السفيرة الأمريكية في الأمم المتحدة سوزان رايس أن الزعيم الليبى "موهوم" فى تصريحاته بشأن محبة شعبه له، واعتبرت أيضاً أنه غير مؤهل للحكم.
وقالت رايس للصحفيين، في مؤتمر صحفي عقب لقاء الرئيس الأمريكي باراك أوباما، الأمين العام للأمم المتحدة بان كى مون، في البيت الأبيض خصص القسم الأكبر منه لبحث الوضع الليبى: "بصراحة يبدو لي القذافى "موهوما"، عندما يتحدث ويضحك لصحفي أجنبي في الوقت نفسه الذي يرتكب فيه مجازر بحق شعبه".
وأضافت رايس أن العقوبات التي فرضها مجلس الأمن تشكل فرصة امام النظام الليبي من اجل اختيار وقف العنف أو مواجهة المحاسبة الدولية. مشيرة إلى أن لا يوجد مهرب من هذا الخيار.
وعلى صعيد التحركات الدولية بشأن ليبيا ، اعلن البيت الابيض إن الرئيس الأمريكي باراك أوباما ورئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر اتفقا على الحاجة إلي ردع حكومة الزعيم الليبي معمر القذافي عن مواصلة العنف ودراسة اجراءات اضافية ضدها وفقا لما تقتضيه الحاجة.
واضاف البيت الابيض في بيان ان أوباما اجرى اتصالا هاتفيا مع هاربر يوم الاثنين في اطار سلسلة اتصالات مع زعماء حلفاء امريكا لتنسيق استراتيجية مشتركة بشان ليبيا.
وقال البيان إن الزعيمين "أكدا هدفهما المشترك في الرد على الوضع في ليبيا".
وبدوره ، قال الأمين العام للامم المتحدة بان كي مون انه على الرغم من شدة العقوبات التي فرضها مجلس الامن على العقيد معمر القذافي واسرته وكبار مساعديه الا اننا ربما سنضطر الى اتخاذ المزيد من الاجراءات لمعاقبة النظام الليبي الذي فقد شرعيته باعلانه الحرب على شعبه.
واضاف بان كي مون في الكلمة التي القاها خلال زيارته لمتحف المحرقة "هولوكوست" في واشنطن الليلة الماضية انه سيتعين علينا اتخاذ المزيد من العقوبات ازاء هذا النظام الذي فقد شرعيته.
